مؤلم أنك تودع رمضان ولم يزدد فيه عملك ... ولا تعلم إن كنت تعيش لرمضان القادم.
مؤلم أن تودع رمضان وهو من هو من الشهور (شهر الرحمات والغفران والعتق من النيران). ربح فيه من ربح، وخسر فيه من خسر. جعلنا الله وإياكم ممن ربح.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي". فكيف بشهر رمضان؟ الله المستعان.
بكت العيون على الفراق، قد كان ضيفًا حلّ بعد اشتياق. ضيفًا كريمًا مُلئ بفضائل الأخلاق، صيام وقيام.. وطيب الإنفاق. خصاله الطاعات.. ما فيها نفاق. ضيفًا عزيزًا طيب الأعراق.
رمضان تبكي العيون.. في لحظة الفراق. رمضان فيك الخير يبقى في الأعماق. يبقى يُضيء القلب.. حتى موعد الإشراق. لحظاته زاد.. ليوم تُلف فيه الساق بالساق. يوم يُنادى.. إلى ربك يومئذ المساق.
غابت الكلمات فلم نجد ما نعبر به عن بالغ الأشواق. تمضي الليالي والشهور فما لمثله من مذاق.
وكم تهفو له النفوس.. وتبحث عنه في الآفاق. ياليت ربي يبلغنا رمضان أعواماً.. فكم له القلب يشتاق.
رمضان.. ماذا نقول للحبيب والحنين يزداد، ماذا نقول وهو معنا، وقربه كالدفء الطيب في شتاء بارد؟
ماذا نقول ونسماته تشفي العليل.. وتؤنس المستوحش.. وتنير في القلوب ضياءً ونورًا؟
لا أبكي رحيلك وأنا أعلم أنك راحل منذ أتيت. وهل يستديم الضيف عند المُضيف؟ لا أبكيك وأعلم أنك آت في موعدك الدقيق. لكن أبكي نفسي وأنا أخشى أنك تمرّ حينًا ولا أكون من بين من ينتظر لك في الطريق.
فقد غادرتَ حيث انتهت ضيافتي في الدنيا، واستقبلتني إخفاقات الطريق. أبكي لأني خشيتُ أني أضعت أيامك في نزوة، في غيبة، في ضعف احترام.
أبكي على ليال غلب كسلي عزمي للمثول في حضرتك. غيبتني الملائكة منحرسك فقلت درجات اجتهادي. أنا طين لولا أن الله أرادني عبدًا. أنا رتيبة حياتي لولا أنك الصديق.
من أجل هذا أودعك ببكاء الحزن المرير، ويغلب حزني كل أفراحي معك. لكن سأجعل من دموعي دموع فرح، علني بأمل لقياك أسمو أو إليه أصير.
اللهم تقبل منا رمضان وصيامنا، واللهم اجعله شاهداً لنا لا شاهدًا علينا.
اللهم ضاعف حسناتنا في رمضان، واغفر لنا ولموتانا وموتى المسلمين.
اللهم أعد علينا رمضان أعوام عديدة ونحن نتمتع بالصحة والنعمة والعافية، وكما رزقتنا نعمتك ارزقنا شكرها.
وصلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.